الاثنين، 15 نوفمبر 2010

صحيفة تفكر

صحيفة تفكر -Social Psychology
فكر في كيفية علاقة التنشئة الاجتماعية في التوافق الاجتماعي للفرد، وعلاقة التنشئة بصورها الايجابية أو السلبية في نشأة الفرد، وعلاقته بالآخرين؟

التنشئة الإجتماعية هي الركيزة التي تبنى عليها سلوكيات الفرد، إذ يتعلم الفرد من المجتمع تلك السلوكيات، وبعد ذلك يمارسها كنتيجة لما تعلمه. فالمجتمع يحتوي على المنشئين الإجتماعين وأولهم (مثلما قسمناهم في محاضراتنا)، الأسرة، متمثلةً في الأم و الأب و الإخوان. ومن وجهة نظري، فإن تأثير الأم على الأبناء أكثر من تأثير الأب عليهم (بالرغم من عدم تجاهلي لدور الأب). فعلى سبيل المثال، أخوان النبي يوسف علية السلام يجمعهم نسل أبيهم يعقوب، ولكن ما يجعلهم مختلفين هو أمومتهم. فالفرق بين يوسف وأخوانه هو الأم الطيبة التي ربته على الفضيلة وإحترام الآخر، وليس في أمهات أخوانه الكبار، اللذين ربوهم على الحسد والحقد، مما جعلهم مختلفين عن يوسف. من هنا يبرز إلينا تأثير الأم العظيم على أبنائها. فهم يأخذون منها كل شيء، الحسن والقبيح، الحميد و الخبيث. مثال آخر: عندما يرى الأبناء أن أمهم تصرخ في وجه أبيهم، فإنهم يبدأون بتمثيلها وتقليدها، فيصرخون في وجه أبيهم بدون إحترام لمكانتة ومنزلتة في المنزل. الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع، وبدونها لا يوجد المجتمع أساساَ. لذلك أدعوا جميع المسؤلين بالإهتمام بجميع الأسر، في أي مجتمع من المجتمعات، لكي نفرز مجتمعا صالحا وطيبا، وخصوصا الأم إذ يقول الشاعر "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق".

تهدف التنشئة الإجتماعية بإختصار إلى إكساب الفرد أنماطاً من السلوك السائد في المجتمع. يجد بي الإشارة هنا إلى ماتعلمته سابقاً إلى وجود نوعين من الثقافات، ثقافة عامة Mass culture) ) وثقافة شعبيةPopular culture). ) فلكل شعب ثقافة شعبية تميزه عن الآخر. على سبيل المثال، العرضة، اللغة العربية المحلية، الثوب الأبيض، الغترة والعقال، المجبوس، وغيرها- تعتبر ثقافة خليجية، تختص بمنطقة جغرافية محددة. أما الثقافة العامة فهي كالوجبات السريعة، الجينز، الكوكاكولا، ربطة العنق، فهي تستخدم في كل مكان بالرغم من أنها إفرازات لثقافة معينة، الا وهي الثقافة الغربية. على سبيل المثال، عندما أسافر لدولة غربية، لابساً ثوبي الأبيض، فإن كل العالم سوف تنظر إلي، وكأن هويتي أصبحت تحت المحاكمة "My identity will be under trail". مثال آخر، قديماً، إستخدم الأميركيون السود أحزمة البنطلون لضرب بعضهم البعض في السجن، ما عدا بإدارات السجون بسحب هذه الأحزمة. لذلك نراهم اليوم يمشون وكأن ملابسهم سوف تنزل للأرض، فتحولت من ثقافة شعبية، تختص بالسود، إلى ثقافة عامة، تستخدم في كل مكان. ما أردت قولة هو أن ثقافة مجتمعاتنا ترتبط بالمساحة "Limited Space"، وأن كل شعب له مميزاتة وخصائصة التي تميزة عن باقي الثقافات، وهذا هو هدف التنشئة الإجتماعية، التي تكسب الفرد سلوكيات المجتمع وأنماطة المميزة.
يتأثر الفرد بأقرانه، وخصوصا أعمامة و خيلانة وأبناء عمومتة، فيكتسب منهم سلوكيات معينة. وكذلك من أصدقائة ومدرستة ووسائل الإعلام ورجال الدين. ومن هنا يأتي دور الأسرة التي تعمل كالفلتر الذي ينقيه من الشوائب، فهي سلوكيات مكتسبة من خارج المنزل، فتحدد له الملائم وغير الملائم.

من وجهة نظري، الطفل كال"عجينة اللينة"، تستطيع أن تشكله كما تشاء وكما تحب، وليس عندما يكبر، فالتنشئة الإجتماعية ترتبط بالعمر، فمن الصعوبة أن تربي رجلاً على الأخلاق الحميدة بعد مضي شوط طويل من عمرة، لذلك فهي تبدأ من الطفولة المبكرة، وإن التربية لاتختص في الإنسان فحسب، بل وتختص حتى بالحيوان. يكفيك أن تزور سوق واقف وتسأله عن أسعار الببغاوات "parrots". سوف تجد أن بعضها غالي الثمن وبعضها رخصها رخص التراب، والفرق بينها هو أن بعضها لقي عناية وتربية واضحة بحيث مجرد أن تمد له بأصبع سبابتك فتراه يطير مباشرةً ويقف عليها. أما النوع الآخر، فهم معدومون، يتشاجرون مع بعضهم البعض على الطعام، إلى درجة أنهم يجرحون بعضهم بعضا، فينزفون دماً، ولا يكتفون بذلك، فهم يعضون يدك بقوة وكأن بينك وبينهم عداوة!! وكأنني أكتشفت قاعدة عامة، تستطيع تطبيقها على الإنسان والحيوان والنبات وهي أن من "يتربى تربيةً صالحة حسنة، فإن سعرك وقيمتك في مجتمعك سترتفع، وعلى العكس تماماً إن لم تكن ذا تاهيل وتربية صالحة، فإن قيمتك تنهار، فتكون منبوذاً وشاذاً".

يجب عدم توبيخ الطفل في بداية إكتسابة للمهارات، فعندما تراه يقلد أباه للصلاة ويخطأ، لا يجب عليك توبيخة، بل يجب أن نشجعة (وهذا مانسمية بالتدعيم الإيجابي)، إلى ان يطبقها تطبيقاً صحيحا. يجب أيضا أن نعلمهم على النظافة، فهنالك الطفل الذي يرمي الأوساخ في الأرض، وهنالك الذي تراه يبحث عن القمامة، إلى أن يجدها. يجب على الأبوين أن يحددا سلوكين متشابهين في التعامل مع الأبناء، فلا يكون هنالك عدم إتساق، فترى الأم توبخ، والأب يسامح، وهنا يقع الطفل في تناقض، فهو لا يعلم إن كان مافعلة صحيح أم خاطئ(عدم إتزان الطفل إنفعالياً). كذلك أيضاً عندما يريد الأب والأم أن يتشاجرا، فعليهما التشاجر خلف جدار، لكي لا يراهم الأطفال، فيقعون في جو من الحزن والألم النفسي. فلأم والأب هما أكثر إثنين يحبهم الطفل في العالم، فكيف به يراهما يتشاجران؟ لذلك يتزلزل كيانه. يجب أن يكون عطاء الأبوين "عطاءاً بلا حدود"، فلا يقصرون في إشباع حاجتهم العاطفية، فيلجأون إلى غيرهم، ويقع المراهق في حب فتاة أجنبية، فيكتم الكثير من الاشياء عن أمه وأبيه. لذلك وجب على الأم والأب أن ُتقبل أبنائها قدر ما تشاء. على الأبوين أيضاً أن يجعلوا أولادهم في غرفة نوم واحد، وخصوصا في فترة المراهقة لأنها فترة حرجة للغاية. يجب توزيع الأدوار على كل فرد من أفراد المنزل، وإعطاء الأولاد بعض المسؤليات المحددة ليتم إنجازها بصورة جيدة، ومن هنا ينشأ لدى الطفل حس بالمسؤلية، وبالتالي تخف إدارة شؤون المنزل عندما يكبر الأبناء، فهي ثقافة التعاون، فالتعاون هو "الحب" ويجب ان نعلم أبنائنا عليها. من وجهة نظري، الأمن النفسي هو أهم شيء في الحياة، فإن كان الفرد مرتاح البال، إستطاع إنجاز كل عملة بنجاح، وإن كان يفكر ويفكر ويفكر، فسوف يتعب نفسيا، ولن يحقق شيئاً. فعلى سبيل المثال، يتم تهيأة لاعبي كرة القدم نفسياً قبل المباراة، وإبعادهم عن وسائل الإعلام المخيفة التي تضغط عليهم من أجل تحقيق الفوز.

حسن عبد الهادي درويش
International affairs student-QU
مع تحياتي وإخلاصي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق